الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وقال مالك والشَّافعيُّ: يجوز. لنا: قوله عليه السَّلام: "إنَّ هذه الصَّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النَّاس، إنَّما هي التَّسبيح والتَّكبير وقراءة القرآن". وقد ذكرناه بإسناده في مسألة التَّكبير وأنَّه من الصَّلاة. ز: احتجَّ لمالك والشَّافعيِّ بقول النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ابن مسعود: "ثُمَّ ليتخيَّر من الدُّعاء أعجبه إليه "، وفي لفظٍ: "ثُمَّ يتخيَّر من المسألة ما شاء". متفقٌ عليهما. وحمله من لم يجوِّز ذلك على أنَّه يتخيرَّ من الدُّعاء المأثور O.
وقال أبو حنيفة: إن كان يومًا وليلة لم يسقط. وقال مالك والشَّافعيُّ: يسقط الصَّلاة. وهذه مسألةٌ قد اختلف فيها الصَّحابة والتَّابعون. فأصحابنا يستدلُّون: 885- بما روي عن عليٍّ وعمَّار أنَّهما قضيا ما فات حال الإغماء، وكذلك قال عمران وسمرة. 886- وقال عطاء: يقضي صلاته كلَّها. 887- وروى نافع عن ابن عمر أَنَّه أغمي عليه ثلاثة أيَّام فلم يقض شيئًا وأعاد صلاة يومه الذي أفاق فيه فحسب. 888- وأغمي على محمد بن سيرين ستَّة أيَّام فلم يقض. 889- وقال النَّخعيُّ: يعيد صلاة يومه وليلته، ولا يعيد ما كان قبل ذلك. 890- وقال الحسن: إذا أغمي على الرَّجل صلاتين فلا إعادة عليه، فإن أغمي عليه صلاةً واحدةً أعادها. ولا نعرف في ذلك حديثًا مرفوعًا إلا: 891- ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا محمد بن الفضل بن سلمة ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدَّثني إسماعيل بن داود بن عبد الله بن مخراق عن سليمان بن بلال عن أبي حسين عن الحكم بن عبد الله الأيلي أن القاسم بن محمد حدَّثه أن عائشة سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يغمى عليه، فيترك الصَّلاة، فقالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس لشيء من ذلك قضاء، إِلاَّ أن يغمى عليه في وقت صلاة فيفيق وهو في وقتها فيصليها". وهذا حديث لا يصح: قال أحمد: لا ينبغي أن يروى عن الحكم بن عبد الله شيء. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال أبو داود: تركوا حديثه. ز: هذا الكلام الذي حكاه المؤلف إنما قاله أحمد وابن معين وأبو داود في الحكم بن عبد الله بن مسلمة أبي مطيع البلخي القاضي. وأما راوي هذا الحديث: هو الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي، قال أحمد: أحاديثه موضوعة. وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون. وكذّبه الجوزجاني وأبو حاتم، وتركه النَّسائيُّ وابن الجنيد والدَّارَقُطْنِيُّ، وقال البخاريُّ: تركوه. وقال أبو زرعة: [اضربوا] على حديثه. وقال ابن حِبَّان: يروي الموضوعات عن الأثبات. ولا يصح إسناد هذا الحديث إلى الحكم، فإنه مظلم. وأبو الحسن مجهول. قاله البيهقيُّ. وقد روى ابن عدي هذا الحديث في كتاب " الكامل " من رواية خارجة ابن مصعب- وهو ضعيف- عن عبد الله بن عطاء عن الحكم بن عبد الله الأيلي عن القاسم عن عائشة. ورواه أيضًا من رواية خارجة عن عبد الله بن عطاء عن الحكم عن نافع عن ابن عمر، ورواه عن الحكم، وهو متهم O.
وقال أبو حنيفة: لا يرد. لنا ثلاثة أحاديث: 892- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا حجَّاج بن محمد ثنا ليث بن سعد قال: حدَّثني بكير بن عبد الله بن الأشج عن نابل- صاحب العباء- عن عبد الله بن عمر عن صهيب قال: مررت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلِّي، فسلَّمت، فردَّ إليَّ إشارةً. وقال: لا أعلم إلا أنَّه قال: إشارة بأصبعه. ز: ورواه أبو داود والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ، لا نعرفه إلا من حديث بكير. ورواه الطَّبرانيُّ وأبو حاتم البستيُّ O. 893- الحديث الثَّاني: قال أحمد: وثنا وكيع ثنا هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قلت لبلال: كيف كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يردُّ عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه في الصَّلاة؟ قال: كان يشير بيده. قال التِّرمذيُّ: كلا الحديثين عندي صحيحٌ، ويحتمل أن يكون ابن عمر سمعه منهما جميعًا. ز: ورواه أبو داود عن الحسين بن عيسى الدَّامغانيِّ عن جعفر بن عون عن هشام. ورواه التِّرمذيُّ عن محمود بن غيلان عن وكيع، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ورواه أبو يعلى الموصليُّ ومحمد بن هارون الرُّويانيُّ والطَّبرانيُّ. 894- وروى إسماعيل بن عبد الله العبديُّ سمُّويه: ثنا أبو الوليد ثنا حمَّاد عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير في الصَّلاة O. 895- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا سلمة بن شبيب ثنا عبد الرَّزَّاق أنا معمر عن الزُّهريِّ عن أنس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير في الصَّلاة. ز: وروى هذا الحديث الإمام أحمد عن عبد الرَّزَّاق عن معمر، ورواه أبو داود في " سننه " عن أحمد بن محمد بن شَبُّويه ومحمد بن رافع عن عبد الرَّزَّاق، ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " عن محمد بن رافع. ورواه أبو يعلى الموصليُّ عن يحيى بن معين عن عبد الرَّزَّاق، ورواه أبو القاسم الطَّبرانيُّ عن إسحاق بن إبراهيم الدَّبريِّ عن عبد الرَّزَّاق، ورواه ابو حاتم ابن حِبَّان عن أبي يعلى عن يحيى. قال أبو حاتم الرَّازيُّ: اختصر عبد الرَّزَّاق هذه الكلمة من حديث النََّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه ضَعُف، فقدَّم أبا بكر يصلِّي بالناس. وقال: أخطأ عبد الرَّزَّاق في اختصاره هذه الكلمة، وأدخله في باب من كان يشير بأصبعه في الصَّلاة، وأوهم أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّما أشار بيده في التَّشهُّد، وليس كذلك. قال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: فإشارة النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أبي بكر، كان في الصَّلاة، أو قبل دخول الصَّلاة؟ فقال: أمَّا في حديث شعيب عن الزُّهريِّ لا يدلُّ على شيءٍ من هذا. انتهى كلام أبي حاتم. وقد روى هذا الحديث غير عبد الرَّزَّاق: 896- فروى الطَّبرانيُّ: ثنا عبد الصَّمد بن محمد العَيْنُونيُّ المقدسيُّ ثنا أبو هبيرة الوليد بن محمد الدِّمشقيُّ ثنا سلامة بن بشر ثنا يزيد بن السِّمط ثنا الأوزاعيُّ عن الزُّهريِّ عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير في الصَّلاة. قال الطَّبرانيُّ: لم يروه عن الأوزاعيِّ إلا يزيد، تفرَّد به سلامة O. احتجُّوا: 897- بما روى ابن شاهين: ثنا يوسف بن يعقوب النَّيسابوريُّ ثنا إسماعيل بن حفص ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن أبي غطفان عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أشار في الصَّلاة إشارةً تفقه- أو: تفهم- فقد قطع الصَّلاة". قال المؤلِّف: وهذا حديثٌ لا يصحُّ، ابن إسحاق مجروحٌ قد كذَّبه مالك وهشام بن عروة، وأبو غطفان مجهولٌ. ز: روى هذا الحديث أبو داود في " سننه " عن عبد الله بن سعيد عن يونس بن بكير، وقال: وهذ الحديث وَهْمٌ. وأبو غطفان هو: ابن طَريف، ويقال: ابن مالك المُرِّيُّ، قال عباس الدُّوريُّ: سمعت يحيى بن معين يقول فيه: ثقةٌ. وقال النَّسائيُّ في " الكنى ": أبو غطفان ثقةٌ، قيل: اسمه سعد. وذكره ابن حِبَّان في كتاب " الثِّقات "، وروى له مسلم في " صحيحه". [وذكر] ابن القطان أن راوي هذا الحديث غير المُرِّيِّ، لا يعرف. وليس كما قال. وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ: سئل أبو عبد الله عن حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصَّلاة". قال: لا يثبت هذا الحديث، إسناده ليس بشيء. وقال عبد الغني بن سعيد المصري: أبو غطفان بن طريف المُرِّيِّ، قيل: إن اسمه يزيد. وقال البيهقيُّ: قال عليُّ- يعني: الدَّارَقُطْنِيّ-: قال لنا ابن أبي داود: أبو غطفان مجهول O.
وقال أبو حنيفة: يبطل، وعن أحمد مثله. لنا حديثان: 898- الأوَّل: قال أحمد: ثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "إذا نابكم في صلاتكم شيءٌ فليسبِّح الرِّجال، وليصفِّح النِّساء". أخرجاه في " الصَّحيحين". 899- الحديث الثَّاني: قال التِّرمذيُّ: ثنا هنَّاد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "التَّسبيح للرِّجال، والتَّصفيق للنِّساء". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ز: حديث أبي هريرة: رواه الجماعة O.
وقال مالك: تسبِّح كالرجل. لنا: ما تقدَّم من الحديثين.
وقال مالك: إذا كان لمصلحة الصَّلاة لم تبطل، ووافقه الخِرَقيُّ في كلام الإمام دون المأموم. لنا: 900- ما روى الإمام أحمد: ثنا سفيان عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال: كنَّا نسلِّم على النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كنَّا بمكَّة قبل أن نأتي أرض الحبشة- يعني وهو في الصَّلاة-، فلمَّا قدمنا من أرض الحبشة أتيناه فسلَّمنا عليه، فلم يردَّ، فأخذني ما قرب وما بعد حتى قضوا الصَّلاة، فسألتُه، فقال: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يحدث من أمره ما يشاء، وإنَّه قد أحدث من أمره أن لا تتكلَّموا في الصَّلاة". ز: هذا حديثٌ صحيحٌ، وقد أخرجاه في " الصَّحيحين " بغير هذا اللفظ: 901- فروى الأعمش عن إبراهيم [عن] علقمة عن عبد الله قال: كنَّا نسلِّم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصَّلاة فيردُّ علينا، فلمَّا رجعنا من عند النَّجاشيِّ سلَّمنا عليه، فلم يردَّ علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنَّا نسلِّم عليك في الصَّلاة فتردَّ علينا. فقال: "إنَّ في الصَّلاة شُغْلاً". لفظ مسلم O.
وقال أبو حنيفة: تبطل، وعن أحمد مثله. لنا: 902- ما روى البخاريُّ قال: حدَّثني إسحاق ثنا ابن شميل أنا ابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: صلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى صلاتي العَشِيِّ، فصلَّى بنا ركعتين، ثُمَّ سلَّم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتَّكأ عليها كأنَّه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبَّك بين أصابعه، ووضع خدَّه الأيمن على ظهر كفِّه اليسرى، وخرجت السَّرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصَّلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلِّماه، وفي القوم رجلٌ في يديه طولٌ، يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، نسيت أم قصرت الصَّلاة؟ فقال: "لم أنسَ ولم تقصر". فقال: "أكما يقول ذو اليدين؟ " فقالوا: نعم. فتقدَّم فصلَّى ما ترك، ثمَّ سلَّم، ثمَّ كبَّر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثُمَّ رفع رأسه، ثُمَّ كبَّر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثُمَّ رفع رأسه وكبَّر. فربَّما سألوه: ثُمَّ سلَّم؟ فيقول: نبئت أنَّ عمران بن حصين قال: ثُمّ َسلَّم. أخرجاه في " الصَّحيحين". 903- وقال أحمد: ثنا إسماعيل أنا خالد الحذَّاء عن أبي قلابة عن أبي المهلَّب عن عمران بن حُصين أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلَّم في ثلاث ركعات من العصر، ثُمَّ قام فدخل، فقام إليه رجلٌ يقال له: الخرباق، فكان في يديه طولٌ، فقال: يا رسول الله. فخرج إليه، فذكر له صنيعه، فجاء فقال: "أصدق هذا؟ " قالوا: نعم. فصلى الرَّكعة التي ترك، ثُمَّ سلَّم، ثُمَّ سجد سجدتين، ثُمَّ سلَّم. انفرد بإخراجه مسلم. ووجه دليلنا: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكلَّم معتقدًا أن صلاته قد تمَّت، وأنَّه ليس في الصَّلاة، وكذلك ذو اليدين تكلَّم معتقدًا أنَّها قد تمَّت لإمكان النَّسخ. اعترض الخصم على حديث أبي هريرة بشيئين: أحدهما: الطعن فيه، وذلك من وجهين: أحدهما: أن راويه أبو هريرة، وإنما أسلم في سنة سبع، وذو اليدين قتل يوم بدر، وكيف يحكي أبو هريرة حالة ما شاهدها؟ والثاني: أن ألفاظه تختلف، وذلك يدل على وهائه، فتارةً يروي: (فسلم من ركعتين)، وتارةً: (من ثلاث). والثاني: أن هذا كان حين [كان] الكلام مباحاً في الصَّلاة، ولهذا تكلم أبو بكر وعمر والناس عامدين. قلنا: أما الطعن فلا وجه له، لاتفاق الأئمة على صحته، واسم ذي اليدين: الخرباق، كما ذكرنا في حديث عمران، وعاش بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما المقتول يوم بدر: ذو الشمالين، واسمه عمير، وإنما وقع اعتراضهم على رواية الزهري لهذا الحديث، فإنه قال في روايته: فقام ذو الشمالين. قال أبو داود السجستاني: وهم الزهري في هذا الحديث، فرواه عن ذي الشمالين، ظنًّا منه أن ذا الشمالين وذا اليدين واحد. وأما اختلاف ألفاظه، فجوابه من ثلاثة أوجه: أحدها: أن لفظ حديث أبي هريرة لم يختلف، وإنما يروي الثلاث عمران، وهو من أفراد مسلم، وحديث أبي هريرة أصح. والثاني: أن الشك في العدد لا يضر مع حفظ أصل الحديث، وثبوت الكلام ناسيًا. والثالث: أنه يحتمل أن يكون من الرواة. وأما تحريم الكلام: فقال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ: إنما كان بمكة، فلما بلغ المسلمين بالمدينة سكتوا، فقال زيد بن أرقم- وهو من أهل المدينة- يحكي الحال: كنا نتكلم في الصَّلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت. وقال أبو سليمان الخطََّّابيُّ: نسخ الكلام بعد الهجرة بمدَّةٍ يسيرة. وعلى القولين قد كان ذاك قبل إسلام أبي هريرة بسنين. وأمَّا كلام أبي بكر وعمر والنَّاس: فقد ذكر الخطََّابيُّ فيه وجهين: أحدهما: أنَّ في رواية حمَّاد بن زيد عن أيُّوب أنَّهم أومؤا- أي نعم-، فدلَّ ذلك على أنَّ رواية من روى أنَّهم قالوا: (نعم) تجوز، كما يقول الرَّجل: قلت بيدي وبرأسي، وكقول الشَّاعر: فقالت له العينان سمعاً وطاعةً والثَّاني: أن يكونوا قالوا بألسنتهم، ولا يضر ذلك، لأنَّه لم ينسخ من الكلام ما كان جواباً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. 904- وفي أفراد البخاريِّ من حديث أبي سعيد بن المعلَّى قال: كنت أصلِّي في المسجد، فدعاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم أجبه، ثُمَّ أتيته فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلِّي. فقال: "ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24]". وإذا ثبت أنَّ جواب الرَّسول واجبٌ، لم تبطل. ز: روى حديث ذي اليدين: ابن عمر أيضًا: 905- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو صالح الأصبهانيُّ عبد الرَّحمن بن سعيد ابن هارون وآخرون قالوا: ثنا أحمد بن سنان القطَّان ثنا أبو أسامة عن عبيد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: صلَّى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني صلاةً-، فسهى فيها، فسلَّم في الرَّكعتين، فقال له رجلٌ يقال له ذو اليدين: يا رسول الله، أقصرت الصَّلاة أو نسيت؟ فقال: "ما قصرت الصَّلاة، وما نسيت". فقال: إنَّك صلَّيت ركعتين. قال: "أكما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: نعم. فتقدَّم فصلَّى ركعتين، ثُمَّ سلَّم، ثُمَّ سجد سجدتي السَّهو. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هذا حديثٌ غريبٌ من حديث عبيد الله عن نافع، تفرَّد به أبو أسامة حمَّاد بن [أسامة] عنه، ولا نعلم حدَّث به عنه غير أحمد ابن سنان القطَّان، وهو من الثِّقات الأثبات. ورواه أبو بكر بن خزيمة في " صحيحه " عن أبي كريب الهمدانيِّ وبشر بن خالد العسكريِّ عن أبي أسامة. ورواه أبو داود وابن ماجه جميعًا عن أبي كريب بنحوه. ورواه أبو داود أيضًا عن أحمد بن محمد بن ثابت عن أبي أسامة. ورواه ابن ماجه أيضًا عن أحمد بن سنان. فالعجب من الإمام الحافظ الدَّارَقُطْنِيُّ مع كثرة حديثه ومعرفته بالحديث، قال: (لا نعلم حدَّث به عن أبي أسامة غير أحمد بن سنان) وقد رواه عنه أبو كريب وأبو همَّام وبشر بن خالد العسكريُّ وغيرهم. وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله: حديث السَّهو- حديث ابن عمر- يرويه أحدٌ غير أبي أسامة؟ فقال: أبو أسامة وحده. وكأنَّه ضعَّفه. قال أبو عبد الله: زعموا أن يحيى بن سعيد قال: إنما هو عبيد الله عن نافع مرسل O. احتجُّوا بحديثين: 906- الحديث الأوَّل: رواه أحمد: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدَّثني الحجَّاج بن أبي عثمان قال: حدَّثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم قال: بينا نحن نصلِّي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرَمَاني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثُكلَ أُمَّياه، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيتهم يُصَمِّتوني، لكنِّي سكتُّ، فلمَّا صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبأبي هو وأمِّي، ما رأيت معلِّما قبله ولا بعده أحسنَ تعليماً منه، والله ما كَهَرَنِي ولا شَتَمَني ولا ضَرَبَنِي، قال: "إنَّ هذه الصَّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النَّاس هذا، إنَّما هي التَّسبيح والتَّكبير وقراءة القرآن". انفرد بإخراجه مسلمٌ. وجوابه: أنَّه حجَّة عليهم من جهة أنَّه لم يأمره بالإعادة، وإنَّما علَّمه أحكام الصَّلاة، ولا فرق بالاتفاق بين من تكلَّم جاهلاً بحظر الكلام، ومن تكلَّم ناسيًا، وإنَّما قال له: "لا يصلح " لأنَّه محظورٌ في الصَّلاة. الحديث الثَّاني: حديث جابر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "الكلام ينقض الصَّلاة، ولا ينقض الوضوء". وقد ذكرناه بإسناده، والكلام عليه، في مسألة القهقهة.
وعنه: أنَّه يبني، كقول أبي حنيفة. وعنه: إن كان من السَّبيلين ابتدأ، وإن كان من غيرهما بنى. وعن الشَّافعيِّ كالروايتين الأوليين. 907- قال أبو داود: ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير بن عبد الحميد عن عاصم الأحول عن عيسى بن حِطَّان عن مسلم بن سلاَّم عن عليِّ بن طَلْق قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا فَسَا أحدكم في الصَّلاة فلينصرف، فليتوضَّأ، وليعد صلاته". ز: ورواه الإمام أحمد والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ O. احتجُّوا: بحديث أبي سعيد وعائشة: "إذا قاء أحدكم في صلاته فلينصرف فليتوضأ، ثُمَّ ليبن على مامضى من صلاته". وقد ذكرنا إسنادهما في نواقض الوضوء، وتكلَّمنا عليهما.
وقال الشَّافعيُّ في القديم: لا يجوز الاستخلاف، وعن أحمد نحوه. لنا: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج وأبو بكر يصلِّي، فصلَّى بالنَّاس تمام صلاة أبي بكر. 908- قال أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: وجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نفسه خِفَّة، فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بالنَّاس قاعدًا، وأبو بكر قائمًا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنَّاس يقتدون بصلاة أبي بكر. أخرجاه في " الصَّحيحين".
وقال الشَّافعيُّ: لا تبطل. لنا: 909- ما روى أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهري عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا". أخرجاه في " الصَّحيحين". ز: 910- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار". أخرجاه في " الصَّحيحين". قال الإمام أحمد: لو كان لمن سبق الإمام صلاةً لرجي له الثَّواب ولم يخش عليه العقاب. 911- وعن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أيُّها النَّاس، إنِّي إِمامُكم، فلا تسبقوني بالرُّكوع، ولا بالسُّجود، ولا بالقيام، ولا بالقعود، ولا بالانصراف". رواه أحمد ومسلم O.
وحكى التِّرمذيُّ قال: قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصَّلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيءٌ. وقال أكثر الفقهاء: لا يقطع شيءٌ من ذلك. 912- قال الإمام أحمد: ثنا عفان ثنا شعبة قال: أخبرني حميد بن هلال أنَّه سمع عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يقطع صلاة الرَّجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل: المرأة، والحمار، والكلب الأسود". قلت: فما بال الأسود من الأحمر؟ قال: ابن أخي، سألتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سألتني، فقال: "الكلب الأسود شيطانٌ". 913- قال أحمد: وثنا معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام عن أبي هريرة أنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار". انفرد بإخراج الحديثين مسلمٌ. 914- قال أحمد: وثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الله بن مُغفَّل عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار". ز: عبد الله بن الصَّامت هو: ابن أخي أبي ذرٍّ الغفاريُّ البصريُّ، استشهد به البخاريُّ في " صحيحه"، واحتجَّ به مسلمٌ، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال النَّسائيُّ: ثقةٌ. وذكره ابن حِبَّان في كتاب " الثِّقات". وقال البيهقيُّ: وأعرض محمد بن إسماعيل البخاريُّ عن الاحتجاج برواية عبد الله بن الصَّامت، واحتجَّ بها غيره من الحفَّاظ، وقد أشار الشَّافعيُّ إلى تضعيف الحديث في هذا الباب، وخلافه ما هو أثبت منه، فإمَّا أن يكون غير محفوظ، أو يكون المراد به أنَّه يلهو ببعض ما يمرُّ بين يديه فيقطعه عن الاشتغال بها، لا أنَّه يفسد الصَّلاة. وقد سُئل الدَّارَقُطْنِيُّ عن حديث سعد بن هشام عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار"، فقال: يرويه قتادة واختلف عنه: فرواه هشام الدَّستوائيُّ، واختلف عن هشام: فرواه معاذ بن هشام ومحمد بن أبي عدي عن هشام عن قتادة عن زرارة ابن أبي أوفى عن سعد بن هشام عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال يحيى القطان: عن هشام عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخالفه عبد الرَّحمن بن مهديٍّ وابن عليَّة ومسلم بن إبراهيم، رووه عن هشام عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة موقوفًا، ولم يذكروا فيه سعد بن هشام. وكذلك رواه معاذ بن معاذ وابن أبي عدي عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة موقوفًا. ورواه ابن عُليَّة عن سعيد فخالفهم، فقال: عن قتادة عن زرارة عن سعد ابن هشام عن أبي هريرة، وقال فيه: أحسِبه ذكره عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه عبد الرَّحمن بن مهديٍّ عن همَّام عن قتادة عن زرارة عن سعد ابن هشام عن أبي هريرة موقوفًا. ورواه الحكم بن عبد الملك عن قتادة فقال: عن الحسن [عن أبي هريرة ورفعه. ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن] عن عبد الله بن مغفَّل عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وتابعه الخليل بن مُرَّة عن قتادة. ورواه شعبة عن قتادة عن عروة عن عائشة موقوفًا. ورواه حوشب عن الحسن عن الحكم بن عمرو الغفاريِّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والصَّحيح حديث قتادة عن زرارة عن سعد عن أبي هريرة، وحديث قتادة عن الحسن عن عبد الله بن مغفَّل. انتهى كلامه. وحديث عبد الله بن مغفَّل: رواه ابن ماجه أيضًا عن جميل بن الحسن العَتَكيِّ عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وإسناده صحيحٌ. 915- وروى أبو يعلى الموصليُّ: ثنا زهير ثنا يحيى- هو ابن سعيد- عن شعبة ثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدِّث عن ابن عباس- قال يحيى: لم يرفعه غير شعبة- قال: "يقطع الصَّلاة: المرأة الحائض، والكلب". ورواه أبو داود وقال: وقفه سعيد وهشام وهمَّام عن قتادة على ابن عباس. ورواه النَّسائيُّ وابن ماجه وأبو حاتم البستيُّ والطَّبرانيُّ. 916- وروى المحامليُّ: ثنا محمد بن موسى البصريُّ ثنا محمد بن عبد الله الأنصاريُّ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعًا: "يقطع الصَّلاة: الكلب، والحمار، والمرأة". يحتمل أن يكون شيخ المَحامليِّ: محمد بن يونس بن موسى الكديميُّ، وهو ضعيفٌ. 917- وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: حدَّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم الأُشْنَانِيُّ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أبو حمزة الأنصاريُّ ثنا أبو زيد سعيد بن الرَّبيع الهرويُّ ثنا شعبة عن عبيد الله بن أبي بكر سمع أنسًا عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يقطع الصَّلاة: الحمار، والمرأة، والكلب". أبو حمزة الأنصاريُّ هو: أنس بن خالد O. فإن قال قائلٌ: الحديث واحدٌ في حقِّ المرأة والحمار والكلب، فما وجه ما حكيتم عن أحمد أنَّه قال: (الذي لا أشكُّ فيه الكلب الأسود، وفي قلبي من المرأة والحمار شيءٌ)؟ قلنا: لأنَّه قد صحَّ في الحديث: 918- عن عائشة أنَّها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي وأنا معترضةٌ بين [يديه] كاعتراض الجنازة. 919- وصحَّ عن ابن عباس أنَّه قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلِّي، فنزلت عن الحمار وتركته أمام الصفِّ، فما بالاه. فهذا فهمٌ عجيب من أحمد حين رأى هذا مرويًّا في الحمار والمرأة ولم يجد شيئًا في الكلب الأسود. احتجُّوا بخمسة أحاديث: 920- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا إسحاق بن بهلول ثنا يحيى بن المتوكِّل ثنا إبراهيم بن يزيد ثنا سالم بن عبد الله عن أبيه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر قالوا: "لا يقطع صلاة المسلم شيءٌ، وادرأ ما استطعت". 921- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا أحمد بن عبد الوهَّاب ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقطع صلاة المرء امرأةٌ ولا كلبٌ ولا حمار، وادرأ ما بين يديك ما استطعت". 922- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا إبراهيم بن حمَّاد ثنا أحمد ابن بديل ثنا أبو أسامة ثنا مُجالد عن أبي الودَّاك عن أبي سعيد عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقطع الصَّلاة شيءٌ". 923- الحديث الرَّابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أحمد بن الحسين ثنا أيُّوب ابن سليمان ثنا أبو اليمان ثنا [عفير] بن معدان عن سُليم بن عامر عن أبي أمامة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقطع الصَّلاة شيءٌ". 924- الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن الحسين الأنطاكيُّ ثنا إبراهيم بن منقذ الخولانيُّ ثنا إدريس بن يحيى الخولانيُّ عن بكر بن مضر عن صخر بن عبد الله بن حرملة أنَّه سمع عمر بن عبد العزيز يحدِّث عن أنس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يقطع الصَّلاة شيءٌ". والجواب: أنَّ هذه الأحاديث كلَّها ضعاف: أما الأوَّل: ففيه إبراهيم بن يزيد الخُوزيُّ، قال أحمد بن حنبل والنَّسائيُّ: هو متروكٌ. وقال يحيى: ليس بشيءٍ. وأمَّا الثَّاني: ففيه ابن أبي فَروة، قال أحمد: لا تحلُّ عندي الرِّواية عنه. وقال يحيى: كذَّابٌ. وقال الفلاَّس والدَّارَقُطْنِيُّ: متروك الحديث. وأمَّا الثَّالث: ففيه مُجالد، وقد ضعَّفه يحيى والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ. وقال أحمد: ليس بشيءٍ. وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به. وأمَّا الرَّابع: ففيه عفير، قال أحمد: ضعيفٌ، منكر الحديث. وقال يحيى: ليس بثقةٍ. وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: ليس بشيءٍ. وأمَّا الخامس: ففيه صخر بن عبد الله، قال ابن عَدِيٍّ: يحدِّث عن الثِّقات بالأباطيل، عامة ما يرويه منكرٌ أو من موضوعاته. وقال ابن حِبَّان: لا تحلُّ الرِّواية عنه. ز: حديث أبي سعيد: رواه أبو داود عن محمد بن العلاء عن أبي أسامة، ثُمَّ قال: 925- ثنا مسدَّد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا مُجالد ثنا أبو الودَّاك قال: مرَّ شابٌّ من قريش بين يدي أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه وهو يصلِّي، فدفعه، ثُمَّ عاد، فدفعه- ثلاثَ مرَّات-، فلمَّا انصرف قال: إنَّ الصَّلاة لا يقطعها شيءٌ، ولكن قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادرؤوا ما استطعتم، فإنَّه شيطانٌ". وصخر بن عبد الله بن حرملة- الرَّاوي عن عمر بن عبد العزيز-: لم يتكلَّم فيه ابن عَدِيٍّ ولا ابن حِبَّان، بل ذكره ابن حِبَّان في " الثِّقات "، وقال النَّسائيُّ: هو صالحٌ. وإنَّما ضعَّف ابن عَدِيٍّ: صخر بن عبد الله الكوفيَّ، المعروف بـ (الحاجبيِّ)، وهو متأخر عن ابن حرملة، روى عن مالك والليث وغيرهما. وعلى تقدير ثبوت قول النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقطع الصَّلاة شيءٌ " لا يعارض به حديث أبي ذرٍّ وأبي هريرة وابن المغفَّل، لأنها خاصةٌ، فيجب تقديمها على العام O.
وقال أبو حنيفة: واجبٌ. 926- قال الإمام أحمد: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن عبد الله بن قُسيط عن عطاء عن زيد بن ثابت قال: قرأت على النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " النَّجم " فلم يسجد. أخرجاه في " الصَّحيحين". وقد تأوَّله بعضهم فقال: إنَّما لم يسجد رسول الله لأنَّ زيدًا لم يسجد. فيقال له: لو كانت السَّجدة واجبةٌ لأمره بها. ز: 927- وعن ربيعة بن عبد الله بن الهُدَير التَّيميِّ- قال أبو بكر (هو ابن أبي مليكة): وكان ربيعة من خيار النَّاس- عمَّا حضر ربيعة من عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة "النَّحل" حتى إذا جاء السَّجدة نزل فسجد وسجد النَّاس، حتَّى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السَّجدة قال: يا أيُّها النَّاس، إنَّما نمرُّ بالسُّجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. ولم يسجد عمر. وزاد نافع عن ابن عمر: إنَّ الله جلَّ وعزَّ لم يفرض السُّجود إلا أن نشاء. رواه بالزِّيادة البخاريُّ O.
وقال أبو حنيفة ومالك: ليس فيها إلا الأولى. 928- قال أحمد: ثنا أبو سعيد- مولى بني هاشم- ثنا ابن لهيعة عن مِشْرَح ابن هَاعَان عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، أفضِّلت سورة " الحجِّ " بأنَّ فيها سجدتين؟ قال: "نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما". فإن قالوا: ابن لهيعة ضعيفٌ. قلنا: قال ابن وهب: هو صادقٌ. ز: ورواه أبو داود والتِّرمذيُّ وقال: ليس إسناده بالقويِّ. ولفظ أبي داود: قلت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: في سورة " الحجِّ " سجدتان؟ [قال: "نعم]، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما". 929- وعن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرأه خمسَ عشرة سجدةً في القرآن، منها ثلاثٌ في المفصَّل، وفي " الحجِّ " سجدتين. رواه ابن ماجه وأبو داود، وعنده: وفي سورة " الحجِّ " سجدتين. وسيأتي باسناده. 930- وعن أبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ عن عليٍّ عليه السَّلام أنَّه كان يسجد في " الحجِّ " سجدتين. 931- وعن ابن عمر أنَّ عمر بن الخطَّاب سجد في " الحجِّ " سجدتين، وقال: إنَّ هذه السُّورة فضِّلت على سائر القرآن بسجدتين. رواهما سعيد بن منصور. 932- وعن عبد الله بن ثعلبة قال: رأيتُ عمر سجد في " الحجِّ " سجدتين. قلت: في الصُّبح؟ قال: في الصُّبح. رواه الدَّارَقُطْنِيُّ. 933- وعن نافع قال: كان ابن عمر يسجد فيها سجدتين. رواه البيهقيُّ. قال: وروي عن عليٍّ وعبد الله بن مسعود وعمَّار وأبي موسى وأبي الدَّرداء أنَّهما كانوا يسجدون في " الحجِّ " سجدتين. 934- وروى عن ابن عباس قال: في سورة " الحجِّ " سجدتان O.
وعنه: أنَّها من سجود التَّلاوة، وهو قول أبي حنيفة ومالك. 935- وقال التِّرمذيُّ: ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد في " ص". قال ابن عباس: وليست من عزائم السُّجود. قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. 936- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم ثنا أبي وشعيب بن الليث قالا: ثنا الليث ثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح عن أبي سعيد الخدريِّ أنَّه قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا، فقرأ " ص"، فلمَّا مرَّ بالسُّجود، نزل فسجد وسجدنا معه، وقرأها مرَّة أخرى، فلما بلغ السَّجدة تشزَّنا للسجود، فلما رآنا قال: "إنَّما هي توبةُ نبيٍّ، ولكنِّي أراكم قد استعددتم للسُّجود". فنزل فسجد وسجدنا. ز: حديث ابن عباس: رواه البخاريُّ في " صحيحه". وحديث أبي سعيد: رواه أبو داود عن أحمد بن صالح عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن أبي هلال بنحوه. ورواه أبو حاتم البستيُّ عن ابن سلم عن حرملة عن ابن وهب، ورواه البيهقيُّ عن الحاكم عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن [بحر] بن نصر عن ابن وهب، وقال: هذا حديثٌ حسن الإسناد صحيحٌ. ثُمَّ تلا: {وَوَهَبْنَا لَهُ} إلى قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 84- 90] ثُمَّ قال: هو منهم. زاد يزيد بن هارون [و] محمد بن عبيد وسهل بن يوسف عن العوَّام عن مجاهد: قلت لابن عباس: فقال: نبيُّكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ممَّن أُمر أن يقتدي بهم O. احتجُّوا: 938- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا محمد بن آدم ثنا حفص بن غياث عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد في " ص". 939- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن نوح الجُنْدَيْسَابوريُّ ثنا جعفر بن محمد بن حبيب ثنا عبد الله بن رُشَيْد ثنا عبد الله بن بزيع عن عمر بن ذرٍّ عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "سجد بها نبيُّ الله داود، وسجدناها شكرًا " يعني صاد. والجواب: أما الحديث الأوَّل: فقد ذكرنا أنَّه سجد، وبيَّن في حديثنا أنَّها ليست من سجود التِّلاوة. وأمَّا الحديث الثَّاني: ففيه ابن بزيع، قال ابن عَدِيٍّ: ليس ممَّن يحتجُّ به. ز: حديث أبي هريرة: قال ابن أبي داود: لم يروه إلا حفص. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في كتاب " العلل ": انفرد حفص بن غياث بذلك، وخالفه إسماعيل بن جعفر وغيره عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد في " إذا السَّماء انشقت"، وهو الصَّواب. وحديث ابن عباس: لم ينفرد به ابن بزيع عن عمر بن ذرٍّ، فقد رواه النَّسائيُّ عن إبراهيم بن الحسن المقْسَميِّ عن حجَّاج بن محمد عن عمر. ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ من وجه آخر عن عمر. 940- وعن أبي سعيد الخدريِّ قال: رأيت رؤيا: وأنا أكتب سورة " ص"، فلمَّا بلغت السَّجدة رأيت الدَّواة والقلم وكلُّ شيءٍ يحضرني انقلب ساجدًا! قال: فقصصتها على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يزل يسجد بها. رواه الإمام أحمد من رواية بكر بن عبد الله المزنيِّ عن أبي سعيد. وسئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال: يرويه حميد الطََّويل وعاصم الأحول ومحمد ابن جحادة عن بكر، واختلفوا فيه: فرواه حميد الطَّويل واختلف عنه: قال هُشيم: عن حميد عن بكر عن أبي سعيد، وقال مسدَّد: عن هُشيم عن حميد عن بكر عن رجل عن أبي سعيد. وأرسله ابن أبي عَدِيٍّ وحمَّاد بن سلمة عن حميد عن بكر أنَّ أبا سعيد رأى فيما يرى النَّائم. وقال ابن جحادة: عن بكر أنَّ أبا موسى الأشعريَّ أتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال عاصم: عن بكر أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يسمِّه. وقول مسدَّد عن هُشيم أشبهها بالصَّواب O.
وقال مالك في رواية: لا سجود في المفصَّل. 941- قال الإمام أحمد: ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر الأنصاريِّ عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر المخزوميِّ عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد في " إذا السَّماء انشقَّت " و " اقرأ". انفرد بإخراجه مسلمٌ من هذه الطََّريق، وقد أخرجاه من طريق آخر ليس فيها: ("اقرأ"). ز: لم أر هذه الطَّريق في " صحيح مسلم". وأبو بكر الأنصاريُّ هو: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. وأبو بكر المخزوميُّ هو: أبو بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام. وقد روى هذا الحديث التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه من رواية سفيان بن عيينة أيضًا. وقال الذُّهليُّ: لا أعلم روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد غير ابن عيينة، وهو عندي وهمٌ، إنَّما روى النَّاس عن يحيى في هذا الإسناد حديث الإفلاس. وقد سئل الدَّارَقُطْنِيُّ عن حديث أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة: سجدنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في " إذا السَّماء انشقَّت " و " اقرأ باسم ربك". فقال: يرويه عمر بن عبد العزيز واختلف عنه: فرواه ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن [عمرو] ابن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة. وكذلك روي عن الثَّوريِّ- وهو غريبٌ عنه-، قاله أحمد بن عبيد عن أبي أحمد الزُّبيريِّ عنه. وكذلك روي عن مالك عن يحيى، قاله أبو يحيى بن أبي ميسرة عن محمد ابن حرب عن مالك. ورواه محمد بن قيس القاص عن عمر بن عبد العزيز عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة: 942- حدَّثنا محمد بن عبد الله بن الحسين العلاَّف- ولم نكتبه إلا عنه- ثنا أحمد بن عبيد بن ناصح ثنا أبو أحمد الزُّبيريُّ ثنا سفيان الثَّوريُّ ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة قال: سجدنا مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في " إذا السَّماء انشقَّت " و " اقرأ باسم ربك". [قال] أبو أحمد: قلت لسفيان: و " اقرأ باسم ربك "؟ قال: نعم O. 943- وقال التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا سفيان بن عيينة عن أيُّوب بن موسى عن عطاء بن مينَاء عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في " اقرأ باسم ربك " و " إذا السَّماء انشقَّت". 944- قال التِّرمذيُّ: وثنا هارون بن عبد الله البزَّاز ثنا عبد الصَّمد بن عبد الوارث ثنا أبي عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها- يعني: "النَّجم "- والمسلمون والمشركون. قال التِّرمذيُّ: الحديثان صحيحان. قال المؤلِّف: قلت: وقد انفرد بهذا الحديث البخاريُّ. ز: حديث عطاء بن ميناء عن أبي هريرة: رواه مسلمٌ في " صحيحه " عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو النَّاقد عن ابن عيينة عن أيُّوب بن موسى. ورواه الثَّوريُّ وابن جريج أيضًا عن أيُّوب بن موسى، واختلف عن الثوريِّ: فقيل: عن وكيع عن الثَّوريِّ عن أيُّوب بن موسى عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هذا وهمٌ، والصَّحيح: عطاء [بن] ميناء: 945- حدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشِّر ثنا أحمد بن سنان (ح) وثنا أحمد ابن العباس البغويُّ ثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطََّان، قالا: ثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ ثنا سفيان عن أيُّوب بن موسى عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة: سجدنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في " إذا السَّماء انشقَّت " و " اقرأ باسم ربك الذي خلق". 946- وقال مسلمٌ: وثنا محمد بن رمح أنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن صفوان بن سُليم عن عبد الرَّحمن الأعرج- مولى بني مخزوم- عن أبي هريرة أنَّه قال: سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في " إذا السَّماء انشقَّت " و " اقرأ باسم ربك". 947- وعن أبي رافع قال: صلَّيت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ: "إذا السَّماء انشقَّت"، فسجد فيها. فقلت: ما هذه؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه. رواه البخاريُّ ومسلمٌ، وعنده: ما هذه السَّجدة؟ 948- وعن عبد الله- هو ابن مسعود- عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قرأ " والنَّجم " بمكَّة، فسجد فيها وسجد من كان معه، غير أنَّ شيخًا أخذ كفًّا من حصى وتراب، فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: لقد رأيته بعدُ قتل كافرًا. رواه البخاريُّ ومسلمٌ وهذا لفظه، غير أنَّه لم يقل: (بمكَّة)، وهو في البخاريِّ وفيه: وسجد من معه. 949- وعن المطََّّلب بن أبي وداعة قال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد في " النَّجم " وسجد النَّاس معه. قال المطََّلب: ولم أسجد معهم- وهو يومئذٍ مشركٌ. قال المطَّلب: ولا أدع السُّجود فيه أبدًا. رواه الإمام أحمد والنَّسائيُّ O. 950- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا [محمد بن أحمد] بن عمرو ثنا أحمد بن محمد بن رشدين ثنا ابن أبي مريم ثنا نافع [بن] يزيد عن الحارث بن سعيد عن عبد الله بن مُنْين عن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصَّل، وفي سورة " الحجِّ " سجدتين. وهذ الحديث لا يعتمد عليه، قال ابن عَدِيٍّ: ابن رشدين كذَّبوه، وأنكرت عليه أشياء. وقال يحيى: ابن أبي مريم ليس بشيءٍ. ز: ابن أبي مريم الذي تكلَّم فيه يحيى هو أبو بكر، وأمَّا راوي هذا الحديث فهو سعيد بن أبي مريم، وقد احتجَّ به البخاريُّ ومسلمٌ في " صحيحيهما"، ووثَّقه أبو حاتم الرَّازيُّ والعجليُّ، وقال أبو داود: هو عندي حجَّةٌ. وقد حدَّث بهذا الحديث عنه غير أحمد بن محمد بن رشدين، فرواه أبو داود عن محمد بن عبد الرَّحيم بن البَرْقيِّ عنه عن نافع بن يزيد، ورواه ابن ماجه عن محمد بن يحيى الذُّهليِّ عن ابن أبي مريم أيضًا. وإسناد الحديث لا بأس به، لكن عبد الله بن مُنين فيه جهالة، لم يرو عنه غير الحارث، وقال عبد الحقِّ في " الأحكام ": عبد الله بن مُنين لا يحتجُّ به O. احتجُّوا: 951- بما رواه أبو داود: ثنا محمد بن رافع ثنا أزهر بن القاسم ثنا أبو قدامة عن مَطَر الورَّاق عن عكرمة عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسجد في شيءٍ من المفصَّل منذ تحوَّل إلى المدينة. والجواب: أنَّ هذا لا يصحُّ، وأبو قدامة اسمه: الحارث بن عبيد، قال أحمد: هو مضطرب الحديث. وقال يحيى: ليس بشيءٍ، ولا يكتب حديثه. ز: الحارث بن عبيد: روى له مسلمٌ في " صحيحه "، وتكلَّم فيه أيضًا أبو حاتم الرَّازيُّ والنَّسائيُّ والأزديُّ وابن حِبَّان. وأزهر بن القاسم: وثَّقه الإمام أحمد بن حنبل والنَّسائيُّ، وقال [أبو حاتم]: شيخٌ يكتب حديثه ولا يحتجُّ به. وذكره ابن حِبَّان في كتاب " الثِّقات " وقال: كان يخطىء. وقد رواه أبو داود الطَّيالسيُّ عن الحارث أبي قدامة عن مَطَر الورَّاق- أو رجل- عن عكرمة عن ابن عباس. ولو صحَّ هذا الحديث كان حديث ابن مسعود وأبي هريرة مقدَّمًا عليه، لأنَّه إثباتٌ، والإثبات مقدَّمٌ على النَّفي، وأبو هريرة إنَّما أسلم بعد الهجرة في السَّنة السَّابعة. ويمكن الجمع بين الأحاديث بحمل السُّجود على الاستحباب، وتركه السُّجود يدلُّ على عدم الوجوب، فلا تعارض إذًا. 952- وروي عن أبي الدَّرداء قال: سجدت مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى عشرة سجدة، ليس فيها من المفصَّل شيءٌ. رواه ابن ماجه هكذا، وقال أبو داود: إسناده واهٍ. 953- وقال الإمام أحمد في " مسنده ": حدَّثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين قال: حدَّثني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر الدِّمشقيِّ أنَّ مخبرًا عن أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء أنَّه قال: سجدت مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى عشرة سجدة، منهنَّ " النَّجم". وهذا إسنادٌ ضعيفٌ O.
وقال أبو حنيفة ومالك: ليس بسنَّةٍ ويكره. لنا أربعة أحاديث: 954- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا سليمان بن بلال ثنا عمرو بن أبي عمرو عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرَّحمن بن عوف عن عبد الرَّحمن بن عوف قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوجَّه نحو صدقته، فدخل، فاستقبل القبلة، فخرَّ ساجدًا، فأطال السُّجود حتى ظننت أنَّ الله عزَّ وجلَّ قبض نفسه فيها، فدنوت منه، ثُمَّ جلست، فرفع رأسه، فقال: "من هذا؟ " قلت: عبد الرَّحمن. قال: "ما شأنك؟ " قلت: يا رسول الله، سجدت سجدةً خشيت أن يكون الله عزَّ وجلَّ قد قبض نفسك فيها. فقال: "إنَّ جبريل أتاني فبشَّرني، فقال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول لك: من صلَّى عليك صليتُ عليه، ومن سلَّم عليك سلَّمت عليه. فسجدت لله عزَّ وجل شكرًا". ز: 955- ورواه أحمد بن عمرو بن أبي عاصم: ثنا الحَوْطيُّ عبد الوهَّاب بن نَجْدة ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الواحد- وهو ابن محمد بن عبد الرَّحمن بن عوف- عن أبيه عن جدِّه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد سجدةً فأطال، فرفع رأسه، فسألته عن ذلك، فقال: "إنَّ جبريل لقيني فقال: من صلَّى عليك صلَّى الله عليه، ومن سلَّم عليك سلَّم الله عليه- قال: أحسبه (عشرًا) قال:- فسجدت لله شكرًا". سئل الدَّارَقُطْنِيُّ عن حديث عبد الواحد بن محمد بن عبد الرَّحمن بن عوف عن جدِّه عبد الرَّحمن أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطال في سجوده. الحديث، فقال: يرويه عمرو بن أبي عمرو عن عبد الواحد، واختلف عنه: فرواه سعيد ابن سلمة بن أبي الحسام والدَّرَاورَدِيُّ عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الواحد بن محمد عن عبد الرَّحمن بن عوف. وخالفهما سليمان بن بلال، فرواه عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمر عن قتادة عن عبد الواحد، زاد في إسناده: عاصمًا. ورواه الحمانيُّ فجعله عن عبد الواحد عن أبيه عن عبد الرَّحمن بن عوف، وليس ذلك بمحفوظ. والصواب قول سعيد بن سلمة والدَّرَاوْرَدِيُّ. [وعند عمرو بن أبي عمرو] فيه إسنادٌ آخر: يرويه الليث عن ابن الهاد عن عمرو عن عبد الرَّحمن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن عبد الرَّحمن ابن عوف. ورواه أبو الزُّبير المكيُّ، واختلف عنه: فرواه عمرو بن الحارث عن أبي الزُّبير عن سهيل بن عبد الرَّحمن عن عبد الرَّحمن بن عوف. وخالفه إسحاق بن أبي فروة، فرواه عن أبي الزُّبير عن حميد بن عبد الرَّحمن عن أبيه O. 956- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا إسماعيل بن العباس الورَّاق ثنا عليُّ بن حرب ثنا أبو عاصم عن بكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبي بكرة قال: كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتاه الشيءُ يسرُّه خرَّ ساجدًا شكرًا لله عزَّ وجل. ز: رواه الإمام أحمد وأبو داود والتِّرمذيُّ وابن ماجه والحاكم وصحَّحه. ولفظ أحمد: أنَّه شهد النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتاه بشيرٌ يبشِّره بظفر جندٍ له على عدوِّهم ورأسه في حجر عائشة، فقام فخرَّ ساجدًا له. وبكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة: تكلَّموا فيه، قال عباس الدُّوريُّ وغيره عن يحيى بن معين: ليس بشيءٍ. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى: صالحٌ. وقال ابن عَدِيٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، وهو من جملة الضُّعفاء الذين يكتب حديثهم. وقال الحاكم: بكَّار صدوقٌ O. 957- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن هارون ثنا عبد الرَّحمن بن واقد ثنا هُشيم عن جابر الجُعفيِّ عن أبي جعفر أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً من النُّغاشيين فخرَّ ساجدًا. قال المؤلِّف: النُّغاشيُّ: الرَّجل القصير. ز: هذا إسنادٌ منقطع، وجابر الجعفيُّ ضعيفٌ O. 958- الحديث الرَّابع: قال ابن ماجه: ثنا يحيى بن عثمان المصريُّ قال: حدَّثني أبي قال: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد ابن عبدة السَّهميِّ، عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشِّر بحاجةٍ فخرَّ ساجدًا. ز: هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فإنَّ ابن لهيعة غير محتجٍّ به. وعمرو لم يروه عنه غير يزيد، وهو ابن الوليد بن عبدة القرشيُّ السَّهميُّ البصريُّ مولى عمرو بن العاص، ذكره ابن حِبَّان في " الثِّقات "، وقال سعد ابن عمير: كان فاضلاً فقيهًا. 959- وقد روى أبو داود سليمان بن الأشعث: ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك قال: حدَّثني موسى بن يعقوب عن ابن [عثمان]- قال أبو داود: وهو يحيى بن الحسن بن عثمان- عن أشعث بن إسحاق بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكَّة نريد المدينة، فلمَّا كنَّا قريبًا من عَزُوْرَا، نزل فرفع يديه، فدعا الله ساعةً، ثُمَّ خرَّ ساجدًا، فمكث طويلاً، ثُمَّ قام فرفع يديه فدعا الله ساعةً، ثُمَّ خرَّ ساجدًا- ذكره أحمد ثلاثًا-، قال: "إنِّي سألت ربِّي وشفعتُ لأُمَّتي، فأعطاني ثلث أمَّتي، فخررت ساجدًا شكرًا لربِّي، ثُمَّ رفعت رأسي فسألت ربِّي لأمَّتي، فأعطاني ثلث أمَّتي، فخررت ساجدًا لربِّي شكرًا، ثُمَّ رفعت رأسي، فسألت ربِّي لأمَّتي، فأعطاني الثُّلث الآخر، فخررت ساجدًا لربِّي". قال أبو داود: (أشعث بن إسحاق) أسقطه أحمد بن صالح حين حدَّثنا به، فحدَّثني به عنه موسى بن سهل الرَّمليُّ. ولم يرو أبو داود لأشعث بن إسحاق بن سعد بن أبي وقَّاص سوى هذا الحديث الواحد. 960- وسجد أبو بكر رضي الله عنه حين جاءه قتل مسيلمة. رواه سعيد. 961- وسجد عليٌّ رضي الله عنه حين وجد ذا الثُّديَّة في الخوارج. رواه أحمد في " مسنده". 962- وسجد كعب بن مالك في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لماَّ بشِّر بتوبة الله عليه. وقصَّته في " الصَّحيحين". وقال الحاكم بعد أن روى حديث بكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكر عن أبيه: وله شواهد: منها أنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى القرد فخرَّ ساجدًا، ومنها أنَّه رأى رجلاً به زمانة فخرَّ ساجدًا، ومنها أنَّه رأى نُغاشيًّا فخرَّ ساجدًا. ذكرها بلا إسناد. 963- وروى البيهقيُّ بإسناده عن حفص بن غياث عن مِسْعَر عن محمد ابن عبيد الله عن عرفجة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبصر رجلاً به زمانة فسجد. قال محمد بن عبيد الله: وأنَّ أبا بكر رضي الله عنه أتاه فتحٌ فسجد، وأنَّ عمر رضي الله عنه أتاه فتحٌ فسجد، أو أبصر رجلاً به زمانة فسجد. قال البيهقيُّ: يقال هذا عرفجة السُّلميُّ، ولا يرون له صحبة، فيكون مرسلاً O.
وعنه أنَّه يجوز ذلك في النَّفل ويكره في الفرض، وبه قال أبو حنيفة. وكان شيخنا أبو بكر الدِّينوريُّ يقول: المراد بمذهبنا أنَّه يعيد الآية. ونِعْمَ ما قال! لأنَّه لا يجوز الكلام في الصَّلاة. دليلنا: 964- ما روى الإمام أحمد: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الأعمش عن سعد بن عُبيدة عن المستورد عن صِلَة عن حذيفة قال: صلَيت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما مرَّ بأية رحمة إلا وقف عندها فسأل، ولا آية عذاب إلا تعوَّذ منها. ز: روه مسلم وأصحاب " السُّنن الأربعة " من حديث جماعة عن الأعمش O.
|